المدرسة هي البيئة الثانية بعد الأسرة التي يقضي فيها الطفل معظم أوقات يومه، ومن هنا يتضح لنا أهمية دور المدرسة في تقديم الرعاية للطفل الموهوب، المدرسة تتعهد القالب الذي صاغه المنزل لشخصية الطفل بالتهذيب والتعديل بما تهيِّئه له من نواحي النشاط اللازمة لمرحلة النمو التي يكون فيها الطفل، وإن كل ما يجري في الفصل المدرسي وفي كل موقف تعليمي يؤثِّر على الطفل؛ فالتربية عملية ديناميكية، كما لا يقاس الفرد بعدد السنوات التي قضاها في المدرسة، ولا بمجموع ما حصل عليه من موادَّ دراسية؛ وإنما يقاس بقدرته على النمو العقلي والشخصي المستمر.
والدراسة عامة في جميع المراحل من مرحلة الحضانة حتى مرحلة الجامعة تعتبر المفرخ والمُظهر والمُطور والمنمي للإبداع بالمدرسة، وما بها من معامل، وأفنية، ومكتبات، وأوجه نشاط مختلفة، ومناهج وطرق تدريس – كل ذلك يعتبر المصدر والمكان الطبيعي لتطور الإبداع وإظهار مواهب الطلاب ورعايتها.
وتشمل رعاية المدرسة للطلاب الموهوبين النواحي التالية:
أ) اختصار سنوات الدراسة:
لكي يصبح العمل الدراسي مشوقًا للأطفال الموهوبين، وحافزًا لهم على بذل الجهد، تلجأ أحيانًا بعض المدارس إلى اختصار سنوات الدراسة؛ وذلك لأن الأطفال الموهوبين يضيقون بالعمل المدرسي العادي – الذي يناسب الأطفال العاديين الذين هم في مثل سنهم – وذلك لأن هذا العمل المدرسي العادي أقل من مستواهم العقلي، وأيضًا فإنه من الممكن أن تكون المواد الدراسية التي تعطَى في إحدى الفرق التالية لفرقتهم أكثر إثارة لميولهم وتحديًا لمواجهتهم، ولكن كثيرًا ما كان هذا الموضوع – وهو اختصار سنوات الدراسة للموهوبين – مثارًا لجدل ونقاش، فهناك مَن يرى أن انتزاع الطفل الموهوب من فرقته ووضعه مع مجموعة أخرى تفوقُه في النضج الجسمي والانفعال، قد يؤثر في الطفل تأثيرًا سلبيًّا، ولقد ثبت صحة هذا الرأي في بعض الحالات، رغم هذا إلا أن معظم المربين يعتقدون أن غالبية الأطفال الموهوبين لا يضارون نتيجة لنقلهم من فرقة دراسية إلى فرقة أخرى أكثر تقدُّمًا، وخاصة إذا كانوا يتمتعون بالاستقرار النفسي.
ب) الفصول الخاصة ومجموعات تنمية المواهب:
يعتقد بعض العلماء الذين أوصوا بفصول للأطفال الموهوبين أن هذا النمط من البرامج يتضمن أقصى نمو للطفل من الناحيتين الشخصية والثقافية، وتتيح الفرصة أيضًا لأنْ يكتسب الأطفال الموهوبون العاداتِ السليمةَ للعمل والتحصيل؛ وذلك لأن الدراسة في هذه الفصول تكون في مستوى يتحدى قدراتهم، وأيضًا فإن الدراسة مع زملاء متفوقين عقليًّا يقلل من التعرض للغرور، الناتج عن تفوقهم وتميزهم عن غيرهم من أقرانهم من الأطفال العاديين.
ج) توفير غذاء عقلي متكامل للأطفال الموهوبين في المدرسة:
حيث تقوم المدرسة بتوفير غذاء عقلي متكامل للأطفال الموهوبين، يتمثل هذا الغذاء العقلي في أنواع النشاط التعليمي والمواد الدراسية التي تناسبه وتستثيره وتستهويه وتقوم المدرسة بتوفير ذلك من خلال:
• الرحلات والزيارات.
• المشروعات والبحوث الخاصة.
• برامج القراءة الفردية.
• الحلقات الدراسية.
• النوادي الخاصة.
د) دور المدرس في رعاية الأطفال الموهوبين:
للمدرس أهمية كبيرة في الكشف عن المواهب، وتنميتها ورعايتها عند الأطفال؛ بفضل اتصاله بهم ودوره في توجيههم، كما أن عمل المدرس لا يقف على تنفيذ ما جاء في البرنامج الدراسي والمقررات الدراسية، لكنه يتعاون على جمع المصادر المادية والبشرية في المنزل والمدرسة والمجتمع، والتي يمكن الإفادة منها في سد الحاجات الخاصة والميول عند الموهوبين؛ فالمدرس يقوم بدور الموجه النفسي والمرشد الاجتماعي للأطفال الموهوبين؛ حيث يعمل على منع تراكم المضايقات والعوائق الموجودة في البيئة التي يعيش فيها هؤلاء الأطفال، وإيجاد مخرج لتوترهم النفسي، وكذلك العمل على تهيئة الجو لكي يكون ملائمًا ومشجعًا على نمو وإظهار مواهب الأطفال.
كما أن مدرِّس الأطفال الموهوبين يكون موضع حبهم وإحساسهم المستمر بالحاجة إليه، كما أنه يكون يقظًا وذكيًّا ويفهم تلاميذه ويكون إيجابيًّا في مواقفه مع كل طفل، ويقدر الأطفال الموهوبين، ويساعدهم على تحمل المسؤولية، وحسن التصرف، ويخلق لهم بيئة تعلم مثيرة ومُجْدِية؛ مما يساعد على إظهار وتنمية المواهب لدى الأطفال الموهوبين داخل المدرسة.
هـ) برامج تعليم الموهوبين داخل المدرسة:
إن المهمة الأساسية للمدرسة هي مساعدة جميع التلاميذ على الاستفادة مما لديهم من قدرات عقلية ومهارات ذهنية، وكذلك تعمل على مساعدة الموهوبين على وجه الخصوص على تطوير قدراتهم وإمكاناتهم ومواهبهم الخاصة، وعلى تنمية شخصياتهم بشكل متوازن ومتكافئ، وسواء كان التلاميذ من العاديين أومن المتأخرين دراسيًّا أومن الموهوبين، فإنهم جميعًا محتاجون إلى مناهج دراسية خاصة، وبرامج تعليمية مصممة بشكل يبعث على التحدي في نفوس الطلاب بشكل إيجابي دون أن يصل إلى حد الإحباط، وأن تسمح الأهداف التربوية والتعليمية لعقول التلاميذ بالاستمرار في القيام بنشاطاتها بصورة تسمح لها بالتوسع والامتداد خارج نطاق الحقائق العلمية الموجودة بين صفحات الكتب.
وتشمل برامج تعليم الموهوبين مجموعةً من المقومات الأساسية؛ منها الإثراء، والإسراع، وإتاحة الفرصة لإكساب الخبرات المتنوعة بالممارسة العملية.
و) الاتجاهات العالمية المعاصرة في تعليم الموهوبين:
1- الإثراء التعليمي:
والمقصود به زيادة الخبرات التعليمية المقدَّمة للطلاب الموهوبين بما يتناسب مع ميولهم وقدراتهم واستعداداتهم، ويستخدم مصطلح إثراء عند تحوير البرنامج الدراسي العادي ليقدم خبرات تعليمية تتناسب مع القدرات الخاصة للطلاب الموهوبين، وتكون أزيد من الخبرات المقدَّمة من خلال البرنامج الدراسي العادي.
الأساليب المختلفة للإثراء التعليمي:
يمكن تقديم الإثراء التعليمي بشكل مناسب، وهناك أربعة أساليب مساعدة يمكن عن طريقها تعديل أو تحوير المنهج العادي ليتناسب مع قدرات الموهوبين، هي: زيادة المنهج أو تعميق محتواه – إضافة منهج جديد يتعلق بموهبة الطالب – إثراء مرتبط بنوع الموهبة – (تدريب – ممارسة) – الإثراء عن طريق تنمية مهارات التفكير العليا – إجراء البحوث العلمية عن طريق الاتصال بشبكة الإنترنت والتدريب على استخدام معامل العلوم المطورة.
2- التسريع التعليمي:
والمقصود بالإسراع التعليمي تعديل نظام القبول في المدارس العادية، وكذلك إجراءات النقل في كل مرحلة دراسية؛ بحيث يستطيع الطلاب الموهوبون إنهاء دراستهم بمراحل التعليم المختلفة في سنوات أقل من أقرانهم العاديين.
وتتطلب تهيئة البنية التعليمية لتطبيق نظام الإسراع التعليمي ما يلي:
أ) مواءمة السياسة التعليمية؛ بحيث يسير الطالب في العملية التعليمية بمعدل يتناسب مع سرعته على التحصيل، كالالتحاق المبكر بأي مرحلة تعليمية (وتخطي الصفوف الدراسية)، والإسراع في تعلم مادة معينة.
ب) نظم تعليمية يمكن تطبيقها عندما يُظهِر الطالب تميزًا واضحًا يفوق كل التوقعات المنتظرة منه داخل صفه الدراسي الحالي.
ج) أساليب الالتحاق المبكر برياض الأطفال.
د) تخطي الصفوف الدراسية.
هـ) التقدم الفردي المستمر.
و) المناهج الصفية.
مبررات استخدام نظام التسريع:
هناك عدة مبررات لاستخدام نظام الإسراع التعليمي، هي:
• أن هؤلاء الطلاب يفوقون زملاءهم العاديين في معدل اكتسابهم المعلومات؛ حيث إن قدراتهم المعرفية تختلف عن العاديين.
• أن تعديل سرعة تعليمهم يلبي كثيرًا من احتياجاتهم التعليمية، وتدفع عنهم الإحساس بالملل والسأم.
• أن محتوى المناهج في جميع المراحل التعليمية يعتبر مناسبًا بشكل عام لقدراتهم، إلا أنهم ممنوعون من اجتيازها بسبب عوائق الارتباط بين الصف الدراسي والمرحلة العمرية للطالب.
المميزات:
• يؤدي إلى اختصار سنوات دراسة التلاميذ الفائقين.
• تتيح للتلميذ الفائق فرصة الانخراط في مجال العمل والإنتاج في سن مبكرة.
• تزويد الفائقين بخبرات تربوية وتعليمية تتحدى قدراتهم العقلية.
• يجنبهم الشعور بالملل الذي يفرضه نظام الدراسة العادي.
• خفض التكاليف الكلية للتعليم.
• زيادة دافعية الطالب الفائق وفاعليته للإنجاز والتحليل
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/58854/#ixzz3JJikenTJ