بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛ فالموهوبون في أي مجتمع هم الشموع التي يمكن لأفراد هذا المجتمع أن يسيروا إلى أهدافهم مستنيرين بضيائهم، ومستلهمين العبر من صميم أفكارهم، ومقتفين أثرهم.
وتعاني مجتمعاتنا من جدلية قلة المواهب وكثرتها في آن واحد، فهي كثيرة من حيث واقع الحال، فنحن أمة مصطفاة، أمة ولادة مبدعين وعباقرة، قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]، وينبغي أن لا تكون إرهاصات التاريخ الحديث سبباً في نسيان هذه الحقيقة، وقليلة من حيث؛ أما أننا لا نكتشفها، أو إنها تتسرب إلى خارج بلادنا لينتفع بها ويستثمرها غيرنا، وربما كان هذا الغير هو عدونا فيستخدمها لضربنا وتدميرنا.
والنموذج العملي لموضوع البحث هنا هي السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، التي لم تكن بالنسبة للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم – مجرد زوجة، ولم يكن اقترانه بها بسبب حاجة رجل لامرأة فحسب، بالرغم من أنها كانت أحب الناس إليه، بل كانت مشروعاً تنموياً علمياً هائلاً.
فمنذ أن جاء جبريل عليه السلام إلى النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – بصورتها ليخبره بأنها زوجته، كانت تلك انطلاقة مشروع الموهبة التي ستقع على عاتقها الكثير من المهام المهمة والثقيلة في المستقبل، فعن عائشة رضي الله عنها،:” أن جبريل، جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال:” هذه زوجتك في الدنيا والآخرة”[1].
فالأمر لم يكن مشروع زواج فقط، لقد كانت عناية ربانية بموهبة واعدة ستحمل أمانة عظيمة وثقيلة للأمة في المستقبل ألا وهي نقل جزء ليس بالقليل من علم النبوة للبشرية.
فلقد شاء الله جل جلاله أن توضع السيدة عائشة رضي الله عنها في رعاية رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – مبكراً، فاستطاع رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – أن يحول السيدة عائشة رضي الله عنها من طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها تسع سنين كانت تلعب على الأرجوحة مع صويحباتها إلى عالمة كبيرة من طراز فريد، وفقيهة لا تسبق، وعارفة بعلم الفرائض لا يشق لها غبار، وطبيبة حاذقة، ومُتحدثة فصيحة صحيحة، ومُحدِّثة من العيار الثقيل فقد كان لها كبير الأثر في نقل جزء كبير من علم رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – لأمته عبر الأجيال.
من هنا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يسمي ويعين النظام الغذائي السليم للموهوب والذي يكون من خلال تسمية المواد الغذائية الصحية والنافعة لنمو العقل وتنمية الذكاء وزيادة التركيز، فهذا يقتضي أن يُوفّر برنامجٌ غذائيٌ صحيحٌ للموهوب، فلذلك يوجه السيدة عائشة رضي الله عنها إلى التمر بعينه، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “يا عائشة، بيت لا تمر فيه جياع أهله، يا عائشة، بيت لا تمر فيه جياع أهله” أو “جاع أهله” قالها مرتين أو ثلاثاً”[2].
إنَّ رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – يوجه الموهوب إلى غذاء بعينه ألا وهو التمر.
ولقد بينت الدراسات الغذائية العلمية الحديثة الفوائد المتميزة والعظيمة للتمر، ومنها:
1- التمر مهدئ للأعصاب بسبب احتوائه على فيتامين (A) وفيتامين (B1) المقوي للأعصاب، وهو يحد من نشاط الغدة الدرقية، ويحتوي على عنصر الفسفور الذي يعتبر غذاءً للخلايا العصبية في الدماغ.
2- بما أن التمر فقير بالمواد الدهنية فإن تناوله سيؤدي إلى بناء جسم صحي رشيق قوي العضلات ويبقيك بعيداً عن ترهلات الشحوم ومضارها.
3- يعطي التمرُ الجسمَ مناعة طبيعية ضد مرض السرطان لاحتوائه على عنصر المغنيسيوم.
4- نظراً لاحتوائه على نسبة عالية من الحديد لذلك فهو يعتبر علاجاً ناجعاً ومهماً لمرض فقر الدم، أو هو يمنع الإصابة بفقر الدم.
5- يعتبر التمر مقوياً للعظام والأسنان لاحتوائه على معدني الفسفور والكالسيوم.
6- يحتوي التمر على فيتامين (A) فهو بسبب ذلك يقوي البصر ويحفظ رطوبة العين و يكافح مرض العشو الليلي.
7- التمر يعالج أمراض الكبد واليرقان وتشقق الشفاه وجفاف الجلد وتكسر الأظافر لاحتوائه على فيتامين B.
8- إنَّ وجود الألياف السليلوزية في التمر تجعله يعمل مليناً ومعالجاً للإمساك، فالألياف تساعد على حركة الأمعاء الاستدارية الطبيعية في حين أن العقاقير الطبية الملينة تخدش الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء. كما أن استعمال العقاقير يؤدي إلى بقاء الأغذية مدة طويلة في الأمعاء الغليظة مما يسبب التهاب القولون.
9- يعادل التمر حموضة المعدة لأنه غني بالأملاح القلوية كأملاح الكالسيوم والبوتاسيوم، كما أن وجود هذه الأملاح القلوية مهم جداً لتعادل حموضة الدم الناتجة من تناول النشويات كالخبز والأرز وهذه تسبب كثير من الأمراض الوراثية كحصى المرارة والكلى وارتفاع ضغط الدم.
________________________________________
[1] سنن الترمذي الجامع الصحيح، الذبائح – أبواب المناقب عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – باب من فضل عائشة رضي الله عنها.
[2] صحيح مسلم – كتاب الأشربة – باب في ادخار التمر ونحوه من الأقوات للعيال.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/62586/#ixzz3JDw36qqz