موهبة الكتابة
لدى طلابنا العديد من المواهب .. وموهبة كتابة القصص الأدبية حاضرة بينهم
قصة أدبية بعنوان : ( نحو الهدف )
بقلم الطالب : معمر سعيد معلاق
كعادتي … بعد أن غسلت ملابسي , صعدت إلى سطح منزلي؛ كي أنشرها على حبل الغسيل … شرعت في نشر الملابس … فجأة … هبت ريح عاتية , عصفت بما حولي من الأشياء … تشبث بحبل الغسيل الذي كان ممتدا على السطح … توسمت فيه الحياة ، لكن فجأة … انقطع الحبل وإذا بي أحلق عاليا في سماء مدينتي … انتابني الخوف وملكني الرعب … أخذت أصرخ بصوت عال ، صوت الخائف المرعوب ؛ طالبا النجدة … لكن دون جدوى … خنقتني العبرات … فقدت الأمل في الحياة … دخلت في غيبوبة …
لم أفق إلا وأنا أتقلب فوق الأمواج الذهبية على رمال الصحراء القاحلة حيث لا وجود للحياة هناك … وموسيقى الرياح الصاخبة تكاد تأخذ القلب خوفا … تفلتُّ يمنة ويسرة , لم أرى إلا الرمال والرياح تقلبها وتدفعها في جميع الاتجاهات.
بدأت الأفكار تنهال على عقلي , وتحاول جاهدة السيطرة عليه … أصبت باليأس والإحباط … لم يعد لدي أدنى أمل في الحياة … مرت بي لحظات عصيبة وأنا على تلك الحال… حاولت مرارا الوقوف على قدمي ولكن بلا فائدة … لم أستسلم , وبعد عدة محاولات , تحاملت على جسدي بجميع قواي حتى استويت قائما … نفضت عني ذلك الغبار … نظرت أمامي , فإذا بي أرى جسم منصوب على بعد مني … اقتربت إليه شيئا فشيئا … برزت أمامي واضحة … إنها نخلة … نعم… نخلة وحيدة مثلي … لقد كانت كبيرة السن , قد سقط حاجباها على عينيها , واحدودب ظهرها.
أحسست حينها بالحياة تدب في كياني … ب نور الأمر يلمع في تجاه تلك النخلة , لكنني توقفت وقلت في نفسي : هذه نخلة وحيدة مثلي فما عساها أن تفدني ؟! فكرت في الأمر وقررت أن أسألها … تقدمت إليها وقلت لها: لماذا أنت هنا وسط هذا العالم المهجور؟؟
أجابتني بصوت يملأه الحزن والأسى قائلة:
( شاءت الأقدار أن طير من هنا وفي فمه نواة من نوى التمر … فرمى بها هنا في يوم ممطر, فنمَوت منها … وما أن فتحت عيناي على فوجئت بنفسي وحيدة على هذا الوجود … لم أحاول يوما الخلاص من هذا المأزق … كانت غلطتي أنني كنت أنتظر من يأت ويأخذ بيدي إلى بر الأمان ومضت الأيام تلو الأيام … وها أنا الآن أودع الحياة )
قالتها والدموع تفيض من عينيها … مسحت دموعها ثم وقفت حيرانا … كأنني أرى مصيري متجسدا أمامي في هذه النخلة … عقدت عزمي على الخلاص من هذه المشكلة … جمعت قواي وتسلقت النخلة … ما إن وصلت إلى رأسها إلا وتراءت لي مدينتي … بل ورأيت بيتي فيها … تملكتني الدهشة … لم أصدق ما أرى … يا الله هل أنا أحلم ؟! هويت مسرعا إلى الأسفل … وركضت فرحا مسرورا إلى بيتي , بعد أن ودعت تلك النخلة التي كانت تلفظ آخر نفس في حياتها.
أحيانا … يكون الهدف المرجو قريبا منا … قاب قوسين أو أدنى , ولكننا نتعامى عنه, أو يعمينا اليأس والتواكل والتسويف, فننتظر من يأتي ويأخذ بأيدينا ويسيرنا …
أو نسلك طريقا غير الطريق الصحيح , ونستخدم وسائل غير الوسائل الموصلة إلى تلك الغاية أو ذلك الهدف.
إن من يركب البحر بمركب مثقوب مآله إلى الغرق والهلاك , وإن الناس مهما عملوا من أجلك لن يوصلوك إلى غايتك ومبتغاك.
فقم يا أخي … اشحذ الهمم … أيقظ قواك … فجر دوافعك الداخلية … ولا تكن كتلك النخلة … استعن بالله تعالى ,ونطلق في الطريق الصحيح بكل ثقة نحو هدفك … ستصل إليه بإذن الله, طال الطريق أم قصر.
وما تأخر من بدأ !!