“أفضل“ الأفكار نادراً ما تكون الأكثر إبداعًا
تنتهي على الأغلب حملات طرح الأفكار والعصف الذهني بحِيرة لاختيار أفضل فكرة. وتكمن المشكلة هنا أن الفكرة الإبداعية الحقيقية هي ذلك النوع من الأفكار التي تمتلك إمكانيات لتصبح ابتكاراً خارقاً، ولكن يندر أن تكون الحل الأمثل لمشكلة ما أو الطريق الأفضل لتحقيق هدف ما. وهذه في حدّ ذاتها مشكلة لعدم قدرتنا على مقارنة الأفكار الإبداعية الجديدة مع الأفكار الحالية المطبقة.
دعونا نلقي نظرة على عدة أمثلة ملموسة :
– فورد موديل تي :
تأمل في فورد موديل تي السيارة التي طورها هنري فورد، فعندما تم إطلاقها في عام 1908، لم تكن أفضل سيارة في السوق، وكانت هناك سيارات أخرى في ذلك الوقت أكثر قوة، وراحة، وفخامة، وأقلّ تكلفة. فقد كانت تكلفتها عالية تناسب الأغنياء فقط.
وباستعمال خط إنتاج جديد في عملية التصنيع تم صنع سيارة مضمونة وميسورة التكلفة، فقد خفضت التكاليف من خلال تحسين الكفاءة إضافة إلى منح وتوفير الثبات والاتساق. وكنتيجة، كانت موديل تي أول سيارة ميسورة التكلفة للطبقة المتوسطة المتنامية.
– الكاميرات الرقمية :
كانت تنتج أولى الكاميرات الرقمية نتائج ذات جودة منخفضة جداً. وحتى اليوم الكاميرا الجيدة ذات العدسة الواحدة العاكسة باستخدام الفيلم قادرة على إنتاج صور ذات جودة أفضل تقريبًا من كافة الكاميرات الرقمية ذوات العدسة الواحدة العاكسة. ولو سُئل الأشخاص في مجال الأفلام قبل عشر سنوات، أيهما أفضل الفيلم المطور أم الصور الرقمية؟ لأجابوا: ” الفيلم المطور”. وتكمن المشكلة في أنهم نظروا إلى المعيار الخاطئ: جودة الصور وسهولة طباعتها. أما الآن فإن التصوير الرقمي قد أصبح هو المعيار لأسباب مختلفة كليًا: منها الراحة; فلا حاجة لشراء الفيلم، والقدرة على التحكم بالصور على الفور، وسهولة مشاركتها في الانترنت وفي الواقع، فإن أغلب الناس لم يعودوا يكترثوا للجودة المطلقة للصورة.
وأصبح سوق الكاميرات يواجه خصماً جديداً هو “الهواتف المتنقلة”. فلو زرت العديد من المواقع السياحية اليوم، ستجد أن الأفراد الذين يلتقطون الصور بأجهزة الهاتف أكثر من أولئك الذين يستخدمون الكاميرات، صحيح أن الكاميرا دائمًا ما تلتقط الصور بجودة أفضل من الهواتف المتنقلة تقريبًا. ولكنها تفتقر للراحة والسرعة.
– الأفضل، الأكثر إبداعًا :
لو تأملنا في الابتكارات المتقدمة، سنجد أن الأفكار الإبداعية خلفها نوعان؛ أصيلة لا نستطيع مقارنتها بالتقنية الحالية أو مختلفة كلياً تبعد مقارنتها بالتقنية الحالية.
وإذا كنت تتطلع لأفكار أصيلة، عليك أن تزيل كلمة “الأفضل” من قاموسك المستخدم في عملية التقييم، واستبداله بكلمات أخرى تقودك للإبداع مثل “الأكثر ابتكاراً” و”الأكثر أصالةً”.
وقد أظهرت الأبحاث أنك لو أخبرت المشاركين في جلسات العصف الذهني أنه ستتم مكافأة الأفكار الأكثر “ابتكاراً” و”أصالةً” فستحصل على أفكار متولدة أكثر إبداعية من لو ذكرت أنك ستكافأ “أفضل” الأفكار.
تذكر أنه ليست كل فكرة تنفذها بحاجة إلى ابتكار ذا إمكانيات خارقة. فأنت بحاجة أيضًا إلى تطوير منتجاتك وخدماتك، و عملياتك الحالية. و لكن عندما تهدف إلى المستويات العالية من الابتكارات المتقدمة، فأنت بحاجة إلى السعي إلى أفكار جديدة تمامًا.